بيانات التضخم تختبر مدى صدق تعهدات باول
تتطلع الأسهم الأمريكية إلى تعويض الخسائر المُسجلة منذ بداية عام 2022، لا سيما مع ارتفاع قيمة العقود الآجلة للأسهم، في خُطوة قد تُعزز من التعافي الذي شهدته الأسواق يوم الثلاثاء، والذي برز فيه أداء أسهم شركات التكنولوجيا بشكل مُلفت. وتتخذ الأسهم الآسيوية والعقود الآجلة للأسهم الأوروبية المنحى ذاته في الإقبال على المخاطر يوم الأربعاء. كما واصل مؤشر الدولار الأمريكي القياسي خسائره متراجعاً لما دون متوسطه المتحرك لخمسين يوماً، الأمر الذي سمح لعقود الذهب الفورية بتجاوز حاجز الـ 1800 دولار للأونصة من جديد.
وكانت التصريحات التي قدّمها رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول بشأن توجه البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم دون الإضرار بمسار تعافي الاقتصاد الأمريكي قد راقت للمستثمرين المضاربين على ارتفاع أسعار الأسهم. وما يُثير الاستغراب هو الهدوء المفاجئ الذي ساد الأسواق المليئة بالتقلبات جرّاء الوعود بتشديد السياسات في المدى القريب، برغم ما كانت تخشاه من احتمالات زيادة أسعار الفائدة في مناسبات أكثر مما كان متوقعاً سابقاً. ومن هذا المنطلق، أكّد باول على رؤيته بشأن توقعات الاحتياطي الفدرالي بوصول التضخم إلى ذروة مستوياته مع حلول منتصف العام الجاري. وسيتعين علينا الانتظار لنعرف فيما إذا كانت المخاوف بحدوث أيّ خطأ في سياسة الاحتياطي الفدرالي ستتحقق مع المضي قُدماً في عام 2022 وصدور مزيد من البيانات الاقتصادية، علماً أنّ الإقبال على المخاطر ما زال يمر بمرحلة من الهدوء في الوقت الراهن.
هل يمكن للاحتياطي الفدرالي الحد من مخاطر التضخم؟
ستكون بيانات التضخم المرتقبة اليوم بمثابة اختبار لنوايا الاحتياطي الفدرالي في الوقت الراهن. وتُشير التوقعات إلى إمكانية ارتفاع مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأمريكية لشهر ديسمبر بنسبة 7% على أساس سنوي، لتصل إلى أعلى مستوى يُسجله المؤشر منذ حوالي أربعة عقود. وقد تكون الأرقام التي يُسجلها مؤشر الأسعار الاستهلاكية عن الربع الأول لعام 2022 أعلى من ذلك، لا سيما جرّاء الاضطرابات المتعلقة بمتحور أوميكرون وتداعياتها متواصلة الأثر على سلسلة التوريد.
وقد تؤكد مثل هذه البيانات المخيفة مدى جسامة التحدي الذي يواجهه واضعو السياسات. يُمكن للاحتياطي الفدرالي أن يتحدث حول خططه لكبح جماح التضخم دون التأثير سلباً على مسار تعافي الاقتصاد الأمريكي؛ أمّا قُدرته على تحقيق ذلك على أرض الواقع، فهي مسألة مختلفة تماماً.
هاجس التضخم قد يُسفر عن مزيد من التقلب في الأسواق
أخذت الأسواق خلال الأسابيع الأولى من العام الجاري بالاعتبار زيادة حدّة خطط الاحتياطي الفدرالي بشأن تطبيع سياساته. ومن ناحيتها، تُشير العقود الآجلة لصناديق الاحتياطي الفيدرالي الآن لاحتمالية بنسبة 84% لزيادة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة في شهر مارس، في زيادة واضحة عن الـ 63% المُسجلة قبل بداية العام.
نُرجح حدوث مزيد من التقلب في الأسواق المالية في مختلف أنحاء العالم في حال أسفرت بيانات التضخم المرتقبة اليوم عن حدوث أيّ تعديلات في الجدول الزمني الذي أقرّه الاحتياطي الفدرالي لزيادة أسعار الفائدة. وستكون أسواق السندات تحت دائرة الضوء للوقوف على طبيعة استمرار تحرك عائدات سندات الخزينة الأمريكية المستحقة بعد عشرة أعوام نحو المستوى النفسي بالغ الأهمية عند 2%. وقد تدفع أيّ زيادة جديدة في العائدات المستثمرين المضاربين على ارتفاع أسعار الذهب وعشاق التكنولوجيا للمسارعة إلى التخارج من استثماراتهم مجدداً.