تسير الأسهم الآسيوية على خُطى بورصة وول ستريت مُحققة بعض المكاسب خلال الليل، بينما تُواصل العقود الآجلة للأسهم الأوروبية ارتفاعها مع حفاظ نظيرتها في الولايات المتحدة على مستويات الأداء المتباينة لغاية تاريخ كتابة هذا التقرير. ومن جانبها، لم تنجح الملاذات الآمنة، مثل الدولار الأمريكي والذهب، في تعويض الخسائر التي تكبّدتها يوم الثلاثاء، مع تخلّي أسعار النفط عن بعض من أقساط التأمين ضد المخاطر المحيطة بالأزمة الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا.
وكانت التهدئة الواضحة في المواجهة بين الدولتين قد أسفرت عن انتعاش معدلات الإقبال على أصول المخاطر. ومع ذلك، تبقى المخاوف المتعلقة بالتضخم العامل الأهم لدى المستثمرين والمتداولين، لا سيما في ضوء استمرار مساعي تطبيع السياسات النقدية حول العالم.
ومن ناحية ثانية، يجدر باحتمالات زيادة أسعار الفائدة على نحو أسرع من المتوقع أن تضع حدّاً للاتجاه التصاعدي لسوق الأسهم لغاية اعتياد الأسواق على هذه البيئة. وحتّى ذلك الوقت، فما زالت الأسواق على موعد مع الكثير من الغموض والموجات الجديدة من التقلب.
مستويات التضخم في المملكة المتحدة ترتفع إلى أعلى معدّلاتها على مدى ثلاثة عقود
ترتفع قيمة الجنيه الإسترليني في أعقاب الزيادة الأعلى من المتوقعة في مستويات التضخم في المملكة المتحدة، ما أثار التكهنات حيال توجه بنك إنجلترا لإقرار المزيد من الزيادات الجريئة في أسعار الفائدة. وكان مؤشر الأسعار الاستهلاكية في المملكة المتحدة لشهر يناير قد ارتفع بمعدل 5.5% على أساس سنوي، في زيادة عن التقديرات المتوسطة عند 5.4%، وهي أسرع زيادة يُسجّلها المؤشر منذ مارس لعام 1992. ومن جانبه، سجّل مؤشر الأسعار الاستهلاكية الرئيسي، والذي يستثني المكونات الأكثر تقلباً مثل تكاليف الأغذية والطاقة، أعلى زيادة يشهدها منذ ثلاثة عقود عند 4.4%، والتي كانت أعلى بقليل من التقديرات الوسطية.
وقد يجد بنك إنجلترا في استمرار زيادة التضخم حُجّة قوية لإقرار زيادة بمقدار 50 نقطة أساس في أسعار الفائدة خلال اجتماعه بشأن السياسات المقرر لشهر مارس. وتجدر الإشارة إلى أنّه خلال الاجتماع الذي عُقد في بداية فبراير صوّت أربعة من أصل تسعة أعضاء في لجنة السياسة النقدية لدى البنك لصالح التعديل غير المسبوق في أسعار الفائدة. وحظي سيناريو الزيادة أعلى من المعتادة في أسعار الفائدة بمزيد من المصداقية بفضل ما أظهرته البيانات الواردة من المملكة المتحدة يوم الثلاثاء حول إضافة 108 آلاف وظيفة جديدة في شهر يناير، وهي الزيادة الشهرية الـ 14 على التوالي في أعداد الوظائف، فضلاً عن المفاجأة الإيجابية من حيث نمو الأجور. وتُظهر التغييرات التي يشهدها المؤشر بين ليلة وضُحاها بأنّ الأسواق تتوقع ارتفاع سعر الفائدة المرجعي في المملكة المتحدة بحوالي 150 نقطة أساس إضافية ليصل إلى 2% بحلول شهر نوفمبر.
وقد يجد الجنيه الإسترليني فرصة لتحقيق المزيد من المكاسب على المدى القصير بينما تُواصل الأسواق رسم مسارها بناءً على توقعات باعتماد سياسة مواجهة التضخم. وكان الجنيه الإسترليني العُملة الوحيدة بين نظرائه من العملات العشرة الرئيسية حول العالم الذي حسّن قيمته أمام الدولار الأمريكي منذ بداية العام، علماً أنّه ما زال قادراً على تحقيق المزيد من التقدم في حال اقتنعت الأسواق بحتمية زيادة أسعار الفائدة الشهر المقبل بواقع 50 نقطة أساس. ويتخذ المتداولون قراراتهم في الوقت الراهن بناءً على احتمالية بنسبة 60% لحدوث هذا السيناريو.
وفي حال استطاع زوج عملات الجنيه الإسترليني / الدولار الأمريكي البقاء فوق المستوى النفسي الهام عند 1.35 خلال الجلسات الأخيرة، يُمكن للجنيه الإسترليني أن يُواصل ارتفاعه لحاجز 1.37، ما لم يُسجّل الدولار أيّ تحسن جديد. ويجتمع هُنا كُلٌّ من المتوسط المتحرك البسيط لـ 200 يوم مع مستوى فيبوناتشي الرئيسي ليُشكّلا التحدي المقبل أمام المضاربين المتفائلين بارتفاع الأسعار في السوق.
أي مؤشرات جديدة لعزم الاحتياطي الفدرالي على كبح جماح الفائدة قد تهُز الأسواق
ستلعب محاضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفدرالية والخطابات المرتقبة لمسؤولي الاحتياطي الفدرالي دوراً مهماً في تحديد طبيعة أداء الأسواق قبل عطلة نهاية الأسبوع. ويُمكن لأي بوادر حول جاهزية مسؤولي الاحتياطي الفدرالي لرفع أسعار الفائدة بشكل ملموس بهدف كبح جماح التضخم أن تدفع عائدات الخزينة والدولار الأمريكي للارتفاع. ومع ذلك، قد يُسهم هذا السيناريو في ضياع المكاسب التي حققتها الأسهم الأمريكية منذ بداية الأسبوع، مع تحديد سقف أيّ زيادة على المدى القريب لغاية استيعاب الأسواق بشكل كامل لنوايا الاحتياطي الفدرالي حيال أسعار الفائدة في الولايات والتدابير التي قد يتخذها لتقليص ميزانيته العمومية.