حظي المستثمرون بلمحة حول طبيعة الاستجابة التي ستُظهرها الأسواق في حال أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا، الأمر الذي ترافق مع استمرار الزيادة في المخاطر الماثلة أمام الأسواق المالية. وكانت الولايات المتحدة قد أصدرت الأسبوع الماضي تحذيراً بإمكانية حدوث هجوم وشيك، ما دفع أسعار النفط للارتفاع بنسبة 5% على مدى اثنين من أيام التداول، مع اقتراب خام برنت بسرعة من حاجز الـ 100 دولار للبرميل. ومن جانبها، عانت أسواق الأسهم من خسائر كبيرة، تمثلت في تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز500 بواقع 1.9% وهبوط مؤشر ناسداك المركب بنسبة 2.8%. وسارت الأسواق الآسيوية أيضاً على خُطى وول ستريت مع تراجع مؤشر نيكاي الياباني بأكثر من 2%، وبقاء الأسواق في الصين وهونج كونج وكوريا الجنوبية في النطاقات السالبة.
وتُوحي العقود الآجلة لمؤشرات ستاندر آند بورز500 وناسداك وداو جونز الصناعي ببداية حذرة للأسبوع، بينما استقرت سندات الخزانة الأمريكية في انتظار صدور المزيد من المعلومات.
يُثير تأزم الوضع الروسي قدراً هائلاً من المخاوف بشأن الضغوط السعرية، لا سيما وأنّه قد يُفضي عن اضطراب الإمدادات في قطاعات الطاقة والزراعة. وبدورها، تترقب الأسواق عن كثب أيّ مؤشرات تُحدد طبيعة التدابير التي ستتخذها البنوك المركزية لكبح جماح التضخم، والذي وصل بالفعل الآن لأعلى مستوياته منذ عقود عديدة. وإلى جانب ذلك، فاجأت بيانات الأسعار الاستهلاكية الأمريكية الصادرة يوم الخميس واضعي سياسات البنوك المركزية وأكدت لهم ضرورة تسريع إجراءات تشديد السياسات المالية.
وتُشير العقود الآجلة على معدلات الفائدة في الوقت الراهن إلى وجود احتمالية بنسبة 60% لاعتماد الاحتياطي الفدرالي لزيادة بنسبة 50 نقطة أساس في أسعار الفائدة في الـ 17 من مارس المقبل، في زيادة بنسبة 20% عن التوقعات التي سبقت صدور تقرير مؤشر الأسعار الاستهلاكية. وأدّى هذا إلى المزيد من التسطُّح في منحنى العائدات الأمريكية مع وصول النطاق الأكثر متابعة (عائدات السندات التي تستحق بعد عشرة أعوام مطروحاً منها عائدات السندات التي تستحق بعد عامين) إلى 0.42%. وقد يعني منحنى العائدات المقلوب بالنسبة للكثيرين بأنّ الركود بات وشيكاً، ما سيؤدي على الأرجح إلى حدوث المزيد من عمليات التصفية في أصول المخاطر؛ وبالتالي، يتعيّن على المستثمرين مراقبة عائدات السندات عن كثب على مدى الأسابيع المقبلة.
ويُقدم التقويم الاقتصادي الأمريكي هذا الأسبوع باقة من التحديثات الجديدة حول الأسعار الإنتاجية ومبيعات التجزئة والمشاريع السكنية قيد الإنشاء ومبيعات المنازل القائمة ومحاضر اجتماعات لجنة السوق المفتوحة الفدرالية. ومع ذلك، ستلعب الخطابات الصادرة عن مسؤولي الاحتياطي الفدرالي الدور الأبرز في تغيير التوقعات بشأن أسعار الفائدة، علماً أنّ الأسواق ستترقب تصريحات كُلٍّ من جون ويليامز، رئيس البنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك؛ وجيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في سانت لويس؛ ولوريتا ميستر، رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في كليفلاند؛ وتشارلز إيفانز، رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في شيكاغو، في الأيام المقبلة.
وبالنظر إلى جميع العوامل المؤثرة في الأسواق، يبقى المزيد من التقلب هو الأمر الوحيد الأكيد في المشهد الحالي. وكنتيجة لذلك، سيبحث المستثمرون على المدى الطويل عن فرص عقد الصفقات مع من يُحاول المتداولون الاعتماد على التحركات اللحظية أولاً بأول.