تضخم أسرع في الولايات المتحدة ، بنك الاحتياطي الفيدرالي متشدد
تباين أداء الأسهم الآسيوية بالتزامع مع تسجيل تغيّرات طفيفة في العقود الآجلة للأسهم الأمريكية بعد تسجيل كُلّ من مؤشري ستاندرد آند بورز500 وداون جونز الصناعي الوسيط لمستويات قياسية جديدة يوم الثلاثاء. ومن ناحيتهم، أبدى المستثمرون استعداداً للتغاضي عن المخاوف الناجمة عن متحور دلتا، مُدركين بأنّ رحلة التعافي الاقتصادي العالمي ما زالت تتمتع بما يكفي من المرونة لتجاوز أسوأ مراحل أزمة كوفيد-19، مدفوعة بحزمة التحفيز المالي والنقدي المُيسرة للغاية.
وفي ضوء هذه الظروف، فإنّ التخفيف من زخم هذه التحفيزات يُشكل الاعتبار الأهم بالنسبة للمستثمرين العالميين. ويحظى النقاش حول تخفيف الاحتياطي الفدرالي من سياسة التيسير الكمي التي يعتمدها بالحصة الأكبر من الاهتمام في أوساط الجهات الفاعلة في السوق، علماً أنّنا قد نكون على موعد مع دليل ملموس جديد على توقيت هذه الخطوة خلال تقرير التضخم الأمريكي المتوقع صدوره في وقت لاحق من اليوم.
ومن ناحية أخرى، فمن المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلك لشهر يوليو بنسبة 0.5% على أساس شهري، في أبطأ زيادة يُسجلها منذ خمسة أشهر، بينما من المتوقع أن تأتي التوقعات السنوية أقل قليلاً من رقم يونيو البالغ 5.4٪. ومع ذلك، تتمحور المخاطر حول مواصلة التقارير الصادرة يوم الأربعاء بشأن التضخم في تقويض رواية الاحتياطي الفدرالي حول طابعها "المؤقت". وسيمنح هذا واضعي السياسات سبباً إضافياً لتسريع عملية تخفيف سياسة التيسيري الكمي بالتزامن مع دعم جهود المضاربين على ارتفاع الدولار الأمريكي لتسجيل مستويات قياسية جديدة خلال عام 2021.
زمام الأمور في أيدي داعمي أسعار الفائدة المرتفعة... لغاية الآن
وستولي الأطراف الفاعلة في السوق قدراً كبيراً من الاهتمام للخطابات المرتقبة اليوم لرئيس الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا رافائيل بوستيك ورئيس الاحتياطي الفدرالي في كنساس سيتي استير جورج. وكان بوستيك قد أدى دوره في دعم الرواية الداعمة لأسعار الفائدة المرتفعة عندما صّرح يوم الاثنين بأنّ الاقتصاد "في طريقه نحو إحراز التقدم الملموس" الذي وضعه الاحتياطي الفدرالي كهدف له.
وتُعد جورج إحدى داعمي أسعار الفائدة المرتفعة في صفوف الاحتياطي الفردالي وهي في طريقها لتكون عضواً يمتلك حق التصويت في لجنة السوق المفتوحة الفدرالية العام المقبل. ومن شأن ظهور أيّ دليل إضافي على دعم أسعار الفائدة المرتفعة اليوم أن يزيد من الآمال بشأن قدرتها على دفع المزيد من زملائها في لجنة السوق المفتوحة الفدرالية للتخلي عن موقفهم الداعم لخفض أسعار الفائدة والتفكير في زيادتها في الولايات المتحدة بحلول العام المقبل. ومن جانبها، تُشير العقود الآجلة لصناديق الاحتياطي الفدرالي بالفعل إلى احتمال زيادة أسعار الفائدة بنسبة 60٪ في نوفمبر 2022.
وبالمُجمل، سيكون الدولار الأمريكي في مواجهة المزيد من الصعوبات في حال لمس المسؤولون بأنّ الظروف الاقتصادية هذا الأسبوع أصبحت أكثر ملاؤمة للتخفيف من سياسة التيسير الكمي.
ارتفاع قيمة الدولار تضع المزيد من الضغوط على أسعار الذهب
تتنفس أسعار الذهب الصعداء في الوقت الراهن بفضل استقرار قيمة الدولار الأمريكي، علماً أنّها كانت تُشير مؤخراً إلى احتمالية حدوث عمليات تصفية واسعة النطاق مع تسجيل تراجع حاد للغاية قد يصل إلى 7.7% على مدى الأسبوع الماضي. وكان المضاربون على ارتفاع قيمة الذهب قد تأثروا سلباً بارتفاع سقف التوقعات حيال تخفيف الاحتياطي الفدرالي من سياسة التيسير الكمي التي يعتمدها في نهاية المطاف، الأمر الذي طغى بأهميته على المخاوف إزاء الآثار المحتملة لمتحور دلتا على تعافي الاقتصاد العالمي.
غير أنّ تحقيق الدولار الأمريكي لأي زيادة جديدة سيضعنا أمام سيناريو انخفاض جديد نحو أدنى المستويات المسجلة لهذا الأسبوع ومستوى الـ 1677 دولاراً أمريكياً للأونصة الذي شاهدناه لآخر مرة في شهر مارس الماضي. ومن المتوقع أيضاً استمرار الانتعاش في عائدات الخزينة بالتزامن مع زيادة الحديث حول تخفيف سياسات التيسير الكمي، الأمر الذين سيزيد من الصعويات التي تواجهها أسعار الذهب.
الغموض في جانب الطلب يُلقي بثقله على آفاق أسواق النفط
إلى جانب تأثرها بتقرير التضخم الأمريكي، فمن المرجح أن يتأثر النفط أيضاً ببيانات مخزونات النفط الأمريكي المتوقع صدورها عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية يوم الأربعاء، فضلاً عن تقارير السوق التي ستصدر عن أوبك والوكالة الدولية للطاقة يوم الخميس. وفي حال أكّدت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية حدوث أي انخفاض في المخزون بحيث يكون أقل من التوقعات عند 750 ألف برميل، فقد تعود العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط ملامسة حاجز المتوسط المتحرك البسيط لـ 100 يوم كمستوى دعم أساسي.
وسيكون المتداولون حريصين على معرفة الدور الذي ستلعبه كُلّ من أوبك والوكالة الدولية للطاقة في الحد من المخاطر الناجمة عن آثار متحور دلتا على مستويات الطلب العالمي. ومن جانبها، أصبحت الأسواق أقلّ تفاؤلاً حيال ارتفاع أسعار النفط، لا سيما في ضوء التقارير التي تُشير إلى أنّ معامل التكرير الآسيوية تطلب كميات أقل من النفط للشهر المقبل.
وفي نهاية المطاف، ستُراقب الأطراف الفاعلة في السوق عن كثب تأثيرات متحور دلتا على الظروف الاقتصادية العالمية للتحقق فيما إذا كان سعر النفط عند 70 دولاراً للبرميل مضمون على المدى القريب. وفي ضوء تمسك المزيد من الاقتصادات الكبرى بتدابير مكافحة الفيروس التي تكبح من زخم النشاط الاقتصادي، يُصبح النفط أكثر عرضة للتراجع عن مكاسبه التي حققها لغاية هذا الوقت من العام.