اتجهت مؤشرات الأسواق المالية العالمية نحو النطاقات السالبة بالتزامن مع بدء المستثمرين والمتداولين حول العالم بتقبُّل رغبة الاحتياطي الفدرالي بتشديد سياساته بهدف كبح التضخم.
وتراجعت الأسهم الآسيوية والعقود الآجلة الأوروبية والأمريكية، في خطوة قد تدفع مؤشر ستاندرد آند بورز500 لدخول نطاق تصحيح الأسعار من جديد. وانخفضت عائدات السندات المستحقة بعد عشرة أعوام بشكل طفيف بعد ارتفاعها يوم أمس إلى مستوى 1.90%، برغم مواصلة مؤشر الدولار الأمريكي القياسي منحاه التصاعدي لغاية تاريخ كتابة هذا التقرير. وأسهم ارتفاع الدولار في تسجيل أكبر انخفاض تُحققه عقود الذهب الفورية في يوم واحد منذ نوفمبر، حيث تراجعت قيمة المعدن الثمين إلى ما يقارب 1800 دولار للأونصة.
الأسواق تُكثّف الجدول الزمني الذي اعتمده الاحتياطي الفدرالي لتشديد سياساته
بدا التوتر في أسواق الأسهم واضحاً عند بداية الأسبوع عندما ارتفع مؤشر فيكس للتقلب لأعلى مستوياته منذ أكتوبر 2020. وكان موقف رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول الأخير الداعم لرفع أسعار الفائدة قد أجبر الأسواق على التفكير بأنّ زيادات أسعار الفائدة المرتقبة قد تحدث بوتيرة أكبر، وبأنّ تقليص ميزانية الاحتياطي الفدرالي سيحدث بشكل أقرب مما كان متوقعاً. وقد يُسهم مثل هذا السيناريو في تعزيز الفجوة التي تُواجهها أصول المخاطر.
واتخذ المتداولون في الأسواق قرارتهم منذ بداية الأسبوع بناءً على احتمالية إقرار الاحتياطي الفدرالي لزيادة إضافية في أسعار الفائدة بحلول فبراير 2023، ليرفع إجمالي الزيادات المقررة إلى خمس على مدى 12 شهراً. وتُشير التوقعات إلى إمكانية بدء إجراءات تشديد السياسة في شهر مارس، بحسب ما صدر عن جيروم باول في مؤتمره الصحفي. وتوجد احتمالية لزيادة لجنة السوق المفتوحة الفدرالية لأسعار الفائدة خلال اجتماعها المقبل في حال تواصل ارتفاع التضخم، بحوالي 50 نقطة أساس، أي ضعف الزيادة الاعتيادية بمعدل 25 نقطة أساس. وسيستهل البنك المركزي عندها تدابير التشديد الكمي بعد زيادة أسعار الفائدة. وتلمس الأسواق مؤشرات بإمكانية استمرار تراجع الأسهم، لا سيما في ضوء سحب الاحتياطي الفدرالي لسياسات الدعم بشكل أبكر مما كان متوقعاً مع تسريع اعتماد الزيادات في أسعار الفائدة.
الاحتياطي الفدرالي يُشير احتمال زيادة بيانات التضخم لتقلب الأسواق
يستعد واضعو السياسات وغيرهم من الأطراف الفاعلة في السوق في الفترات الفاصلة بين اجتماعات اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة للاعتماد على البيانات وترقب آخر المؤشرات الواردة حول الأسعار الاستهلاكية بحيث يُعدّلون آفاق سياساتهم النقدية في الولايات المتحدة بما يتماشى معها. كما ستتم دراسة التصريحات الصادرة عن مسؤولي الاحتياطي الفدرالي بحثاً عن أيّ مؤشرات حول ميل واضعي السياسات نحو تشديد السياسات النقدية.
وستسهم أيّ تغيّرات ملموسة في هذا الموقف الداعم لرفع أسعار الفائدة في مزيد من التقلبات التي قد تستمر لغاية تقبُّل الأسواق لأسعار الفائدة المرتفعة. وقد تترك أيّ تعديلات جريئة على التوقعات بشأن سياسة الاحتياطي الفدرالي أسهم التكنولوجيا والنمو عُرضة للمزيد من الانخفاض بالتزامن مع زيادة مكاسب الدولار الأمريكي في ضوء زيادة عائدات سندات الخزينة، على حساب أسعار الذهب.
ومع ذلك، وفي ضوء استقرار منحنيات العائدات الرئيسية على خلفية نتائج الاجتماع الأخير للجنة السوق المفتوحة الفدرالية، باتت الأسواق أكثر حذراً بشأن احتمالات حدوث خطأ في سياسة الاحتياطي الفدرالي بحيث تُعيق نمو أضخم اقتصاد في العالم. وسنلمس زيادة في الإقبال على أصول الملاذ الآمن في حال ازدادت حدّة هذه المخاوف، وإن بشكل بسيط.