مخاوف التضخم تطفو على السطح من جديد
تراجعت الأسهم الآسيوية نحو النطاقات السلبية على خُطى العقود الآجلة للأسهم الأمريكية والأوروبية، بينما استقر مؤشر الدولار الأمريكي القياسي عند العتبة النفسية بواقع 94.0 نقطة لدفع أسعار الذهب لما دون المستوى الرئيسي عند 1834 دولار للأونصة.
وتعود مخاوف التضخم إلى الواجهة من جديد مع انضمام الأسعار الاستهلاكية والإنتاجية الأعلى من المتوقع في الصين مؤخراً إلى سلسلة من التحذيرات بشأن مخاطر التوقعات الاقتصادية العالمية. وكان مؤشر الأسعار الاستهلاكية في الصين عن شهر أكتوبر قد ارتفع بواقع 1.5% بالمقارنة مع العام المضي، متجاوزاً توقعات السوق عند 1.3%. وتصاعد معدل تضخم بوابة المصانع إلى 13.5% في أعلى مستوياته على مدار 26 عاماً.
مخاوف التضخم تضع الأسواق أمام شبح الركود التضخمي أو الخطأ في اعتماد السياسات
تتجه جميع الأنظار اليوم إلى بيانات التضخم الأمريكية لشهر أكتوبر، مع توقعات بوصول مؤشر الأسعار الاستهلاكية لحاجز الـ 5.9% على أساس سنوي مُسجلاً أعلى زيادة له منذ عام 1990. وسيكون ظهور أيّ أدلة جديدة بشأن الضغوطات التضخمية في أكبر اقتصاد في العالم أحدث اختبار لموقف الاحتياطي الفدرالي حول الطابع "المؤقت" للتضخم وبمثابة تحد لموقف البنك المركزي بخصوص تشديد السياسات.
وتتمثل المخاوف في إسهام مثل هذه الضغوط التضخمية الشديدة في عرقلة التعافي في جانب الطلب العالمي أو تسريع تدابير تخفيف السياسات من قبل أبرز البنوك المركزية. ويبدو بأنّ أمثال بنك إنجلترا وبنك كندا على وشك السير على خطى بنك الاحتياطي النيوزيلندي في رفع أسعار الفائدة لدى كُل منهما.
قد تُلقي احتمالات رفع أسعار الفائدة بظلالها السلبية على معدلات الإقبال على أصول المخاطر، بينما يُحتمل أن تُعزز بيانات التضخم الأسرع من المتوقعة اليوم من صحة مثل هذه الفرضية. ومن جانب آخر، تظهر بعض المخاوف بشأن إسهام تسريع تدابير تشديد السياسات الرامية إلى كبح جماح الأسعار الاستهلاكية في إطلاق مرحلة جديدة من الركود. ويُسفر الغموض بشأن الشخصية التي ستترأس الاحتياطي الفدرالي العام المقبل في إرباك التوقعات حول طبيعة السياسة النقدية، حيث تحدثت وكالة بلومبيرج حول إجراء محافظ الاحتياطي الفيدرالي لايل برينارد لجلسة من المباحثات في البيت الأبيض تناول فيها احتمالية حلوله مكان جيروم باول كرئيس للاحتياطي الفدرالي.
وكانت المخاوف الحالية كفيلة بالحد بعض الشيء من الأداء الجيد للأسهم الأمريكية خلال ليلة وضحاها. ومع ذلك، قد يُسهم أي اعتدال مفاجئ في بيانات مؤشر الأسعار الاستهلاكية في الولايات المتحدة في تعزيز الإقبال على المخاطر ومنح الأسهم مُتنفساً لاستئناف ارتفاعها على المدى القريب على أقلّ تقدير.
الذهب يُسجل تراجعاً طفيفاً عن مستوى المقاومة الرئيسي
تراجعت أسعار الذهب في التداولات الآنية من مستوى المقاومة الرئيسي عند 1830 دولاراً للأونصة عند تاريخ كتابة هذا التقرير، الأمر الذي كبح جماح المضاربين على ارتفاع أسعار المعدن الثمين خلال الربع الثالث من العام. وكان التعافي الأخير في قيمة الذهب مدفوعاً بتراجع عائدات الخزينة، مع توقعات بتسجيل العائدات الحقيقية للسندات التي تستحق بعد عشرة أعوام لأدنى مستوياتها منذ بداية العام.
وقد تلجأ الأسواق إلى استغلال الدور الذي يلعبه الذهب تقليدياً كوسيلة تحوط ضد التضخم لتبرير إطلاق موجة جديدة من العطاءات، لا سيما في حال صدور أيّ نتائج أفضل من المتوقعة عن تقرير مؤشر الأسعار الاستهلاكية المرتقب اليوم. ومع ذلك، سيجد الذهب نفسه مضطراً للتفوق على الأصول البديلة في ظلّ الظروف الحالية للسوق، خصوصاً وأنّ هذه الأصول تسعى بدورها للعب دور أداة للتحوط من التضخم. وناحية ثانية، تُواجه أسعار الذهب مخاطر الهبوط جرّاء تحسن قيمة الدولار، خصوصاً في حال ظهور أيّ تعافٍ في عائدات سندات الخزينة تحسباً لصدور أيّ قرارات داعمة لرفع أسعار الفائدة من الاحتياطي الفدرالي، في خطوة ستؤدي لخسارة الذهب للمكاسب التي حققها مؤخراً خلال الفترة المقبلة.