المخاوف المتزايدة من التضخم في الولايات المتحدة تُلقي بظلالها على معدلات الإقبال على المخاطر
تراجعت قيمة الأسهم الأوروبية والعقود الآجلة للأسهم الأمريكية بالتزامن مع تباين أداء الأسهم الآسيوية قُبيل الإصدار المرتقب اليوم لبيانات التضخم الأمريكية. كما خسر كُلّ من الدولار الأمريكي ومؤشرات النفط بعضاً من مكاسبها الأخيرة مع محافظة الذهب على المستويات التي سجّلها منذ بداية الشهر.
وستتجه كُلُّ الأنظار نحو البيانات المرتقبة لمؤشر الأسعار الاستهلاكية عن شهر سبتمبر، لا سيما وأنّها ستحدد طبيعة الخطوة المقبلة للاحتياطي الفدرالي بعد التوقعات بتقليص لبرنامج مشتريات السندات خلال الشهر المقبل. وقد تُسهم الضغوط التضخمية المتزايدة في دفع الأغلبية في البنك المركزي لتأييد رفع أسعار الفائدة في وقت أقرب مما كان متوقعاً، كما أدت إلى وصف رفائيل بوستيك، رئيس الاحتياطي الفدرالي لأتلانتا لتعبير "الطابع المؤقت" بكونه "غير لائق". وكانت العقود الآجلة لصناديق الاحتياطي الفيدرالي قد أخذت بالاعتبار بالفعل وجود زيادة في أسعار الفائدة بحلول ديسمبر لعام 2022، بينما توقع نصف أعضاء لجنة السوق المفتوحة الفدرالي اتخاذ هذا القرار خلال العام المقبل.
وستنجح سندات الخزينة الأمريكية التي تستحق بعد عشرة أعوام في العودة إلى عتبة الـ 1.60% لتدفع مؤشر الدولار لتسجيل أعلى المستويات منذ بداية العام، في حال أجبرت النسخة الرسمية لبيانات مؤشر الأسعار الاستهلاكية المتوقع صدورها اليوم أصحاب نظرية "الطابع المؤقت" على التخلي عن هذه الأفكار "غير اللائقة". وقد تُسفر مؤشرات التضخم العنيد المتزايدة الذهب على التراجع، فضلاً عن إعادة أسعار التسليم الفوري لما دون نطاق 1750 دولاراً للأونصة. كما سيُسهم هذا في إضعاف موقف أسواق الأسهم.
وسيكون صدور أرقام مؤشر الأسعار الاستهلاكية بأقلّ من التوقعات عند 0.3% على أساس شهري و5.3% على أساس سنوي بمثابة مؤشر لارتياح محدود في أوساط المضاربين على ارتفاع أسعار الذهب، علماً أنّ الاحتياطي الفدرالي لا يزال عازماً على تخفيف برنامج شراء الأصول بحسب الجدول الزمني المعتمد.
التوقعات أهم من إيرادات الربع الثالث
بات موسم الإيرادات الأمريكية وشيكاً ومن المرجح أن يتجه المستثمرون نحو زيادة التركيز على السيناريو التطلعي للشركات بدلاً من الاعتماد على النتائج الحقيقية للربع الماضي. وقد تترك آراء الإدارات التنفيذية حول مدة المصاعب التي تواجه سلسة التوريد واستمرار التضخم، ودور هذه العوامل في التأثير على قوة التسعير والهوامش، أثراً أكبر على الحركات الآنية للأسواق بدلاً من الإيرادات الرجعية.
أصول المخاطر تقف على أرضية غير مستقرة
يبدو بأنّ توجهات الإقبال على أصول المخاطر تنتقل من اختبار كبير إلى آخر. كان من المفترض أن يحظى الاتجاه التصاعدي للأسواق بفسحة لتنفس الصعداء بعد صدور بيانات التصدير الأفضل من المتوقعة في الصين، فضلاً عن منع المشرعين الأمريكيين لمخاطر حدوث أيّ عجز حكومي لغاية منتصف ديسمبر على أقل تقدير. ومع ذلك، لم تحظَ أصول المخاطر بالفرصة المناسبة لتهنأ بهذه التطورات، لا سيما في ضوء إداراكها الكامل للصعوبات الكبيرة التي ما زالت ماثلة أمامها، بدءاً من أزمة الطاقة العالمية ومخاوف الركود التضخمي وصولاً إلى قُرب تخفيف الفدرالي من سياسة التيسير الكمي وتوجهه نحو تشديد السياسات.
وتُظهر الأسهم العالمية بالمُجمل ميلاً أكبر نحو التراجع بدلاً من تحقيق المكاسب في المستقبل العاجل، لا سيما في ظلّ معاناة المستثمرين والمتداولين مع أرجحية دواعي القلق على مسببات الارتياح.