المستثمرون يتخلون عن الشركات الرائدة خلال الأزمة الصحية
كان الأسبوع الماضي قاسياً على المستثمرين، لا سيما الذين تزخر محافظهم بأسهم الشركات التقنية والأصول المضاربة مثل العملات المشفرة؛ حيث انحدر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 5.7% مواصلاً هبوطه للأسبوع الثالث على التوالي، ليغلق على انخفاض ملموس عن متوسطه المتحرك لـ 200 يوم. كما واصل مؤشر ناسداك المركب انخفاضه أيضاً، بعد دخوله نطاق التصحيح منذ أسبوع مضى، ليسجل هبوطاً بمقدار 15.1% عن الذروة المسجلة في نوفمبر 2021. وسجل المؤشران أعلى انخفاض لهما منذ بداية الأزمة الصحية في مارس 2020.
وأدى التراجع المفاجئ في إيرادات بعض من أكبر الشركات وما ترتب عنه من قلق سيطر على المستثمرين، إضافةً إلى سحب حزم التحفيز والتوقعات المتعلقة بتطبيق سياسات مالية أكثر صرامةً، إلى انخفاض قيمة أسهمها بشكل واضح. وتبرز هذه النتيجة بصورة ملموسة في أسهم الشركات التي أظهرت أداءً مميزاً خلال الأزمة الصحية، مع انخفاض قيمة أسهم نتفليكس بمقدار 21.8% يوم الجمعة بعد توقع الشركة انخفاض معدل نموها نتيجة احتدام المنافسة مع ديزني وغيرها من شركات القطاع. وشهدت أسهم بيلوتون إنترأكتِف، شركة المعدات الرياضية المنزلية، انخفاضاً حاداً في قيمتها وصل إلى 24%، بعد أن أشارت الشركة إلى أنها تعيد النظر في حجم قوتها العاملة، إضافةً إلى بعض التقارير التي بينت انخفاض إنتاج الشركة نتيجة هبوط مستويات الطلب على منتجاتها. كما يتم تداول أسهم زووم، الشركة المؤسسة لمنصة اجتماعات الفيديو الرائدة، مقابل جزء بسيط من الذروة التي حققتها في عام 2020؛ مع انخفاض قيمتها بمقدار 74% منذ ذلك الوقت.
وفشلت العملات المشفرة مجدداً في حماية محافظ المستثمرين من فترات اضطراب السوق وارتفاع معدلات التضخم. وخسرت معظم الأصول الرقمية ما تراوح بين ربع وثلث قيمتها هذا العام، حيث كانت عملة بيتكوين أكبر المتضررين مع وصول قيمتها إلى أدنى مستوياتها في ستة شهور عند 34,625 دولار أمريكي.
ولا يعد الوضع العام بالسوء الذي يبدو عليه حالياً بالنسبة لبعض الأصول. كما تُعد النتائج المالية الضعيفة التي سجلتها الشركات التي سيطرت على الأسواق خلال فترة الأزمة الصحية، مؤشراً لارتفاع الأسعار بالنسبة للمستثمرين بشكل عام. كما انخفضت مستويات القلق من كوفيد-19 ومتحورات فيروس كورونا المستجد بشكل كبير في الأسابيع الماضية، حيث بدأت العديد من الدول بتخفيف إجراءاتها المتعلقة بالأزمة الصحية، لا سيما تلك المتعلقة بالتباعد الاجتماعي.
ويمكن لبعض الشركات المستفيدة من إعادة فتح الاقتصادات، مثل الشركات في قطاعات الطيران والمطاعم والضيافة، الاستمرار في تحقيق المكاسب رغم احتمال ارتفاع أسعار الفائدة وعائدات السندات. ويُنصح المستثمرون بالتوجه نحو الشركات ذات الأسهم الدورية ذات هوامش الربح العالية والتقييمات المقبولة، نظراً لعدم وجود أي بوادر لانحسار أزمة التضخم الراهنة. وما تزال الشركات التقنية خياراً مناسباً رغم اضطرابات السوق الحالية، بشرط التأني في أخذ القرارات والتركيز على الشركات ذات الميزانيات العمومية القوية وهوامش الربح العالية وآفاق النمو الكبيرة.
وتكشف الشركات الرئيسية في قطاع التكنولوجيا، مثل أبل ومايكروسوفت وتسلا وآي بي إم، هذا الأسبوع عن نتائجها الخاصة بالربع الأخير من العام الماضي؛ ولا بد من الإعلان عن نتائج مميزة لتعزيز انتعاش قيمة الأسهم بعد عمليات التصفية التي شهدها الأسبوع الماضي. ومع ذلك، يبقى اجتماع الاحتياطي الفدرالي حول السياسة النقدية، والذي يختتم أعماله يوم الأربعاء، على رأس قائمة الأحداث المرتقبة خلال الأسبوع الجاري.