تراجع أصول المخاطر جرّاء تدابير الإغلاق الجديدة التي فرضها انتشار متحور أوميكرون
سجّلت أسواق الأسهم الآسيوية والعقود الآجلة في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا انخفاضاً حادّاً في أول أيام التداول لهذا الأسبوع جرّاء حالات الإصابة بمتحور أوميكرون وما أسفرت عنه من اعتماد تدابير صارمة جديدة في عدد من الدول الأوروبية تهدد بمنع الاحتفالات بنهاية العام. وكانت هولندا أوّل الدول التي أعلنت الإغلاق العام يوم الأحد، بينما فرضت أيرلندا مجموعة جديدة من القيود الخاصة بكوفيد-19، مع توجه المملكة المتحدة لتشديد الإجراءات المعمول بها في هذا الصدد قبل عيد الميلاد. وبات من الواضح الآن بأنّ الدول في أوروبا وخارجها تتجه لتقييد الحركة العابرة للحدود في الوقت الذي كُنا نعتقد فيه بأنّ المخاوف التي يفرضها كوفيد-19 قد زالت.
ولم تعُد المسألة منحصرة في آفاق النمو الاقتصادي التي يلفّها الغموض بسبب المتحور الجديد؛ إذ تحوّل التضخم بدوره إلى المشكلة الواضحة التي يتجاهل الجميع ضرورة التعامل معها. وتُرجّح التوقعات ارتفاع الأسعار من جديد في ضوء ما ستُسفر عنه التدابير المشددة الجديدة من تأثيرات على سلاسل التوريد. ولم تعُد البنوك المركزية، وعلى رأسها الاحتياطي الفدرالي، تتجاهل الضغوط التضخمية، ما يشير إلى بداية فصل جديد يختلف عن كُلّ ما سبقه منذ بدأت أزمة كوفيد-19.
ونترقب ما إذا كان المستثمرون سيتجهون لشراء الأسهم منخفضة القيمة مع اقترابنا من نهاية العام، علماً أنّ شراء هذا النوع من الأسهم أثبت فائدته كاستراتيجية مُربحة للغاية على مدى الـ 18 شهراً الماضية، بينما قد يأتي "ارتفاع سانتا كلوز" لإنقاذ الموقف. ولا يبدو بأنّ السياسات المالية أو النقدية كفيلة بدعم ظاهرة "ارتفاع سانتا كلوز"، التي تُسهم في تعزيز الأداء الإيجابي خلال أيام التداول الخمسة الأخيرة من العام الجاري وأول يومين من العام الجديد 2022. ومن جانب آخر، قد تخيب آمال الرئيس الأمريكي جو بايدن بتوقيع مشروع قانون الإنفاق الاجتماعي بقيمة 1.75 تريليون دولار أمريكي، مع إعراب النائب الديمقراطي البارز جو مانشين بوضوح عزمه التصويت ضدّه.
وإلى جانب ذلك، تُعد قلّة اتساع السوق واحدة من المشاكل التي تُثير قلق المستثمرين، لا سيما وأنّ أقل من ثُلث الشركات المُدرجة على مؤشر ناسداك المُركّب تتداول فوق متوسطها المتحرك لـ 200 يوم، ما يُشير إلى أنّ عدداً قليلاً من الشركات الضخمة هي التي تُحرك هذا الارتفاع في سوق الأسهم. وتجدر الإشارة إلى أنّ السوق ستشهد مزيداً من التقلبات في المرحلة المقبلة بالتزامن مع تضيّق نطاق هذه المجموعة من المستفيدين. غير أنّه وبالنظر إلى البدائل المتوفرة والمخصصات النقدية الضخمة، قد نشهد استمرار سيناريو تضيّق نطاق السوق لفترة مطولة دون أن يُسفر عن أيّ انهيار جسيم في المؤشرات القياسية.
ويُعد النفط أكبر الخاسرين نتيجة الأحداث الحالية، لا سيما مع تراجعه بأكثر من 3% في التداولات الآسيوية. وما لم تتخذ أوبك قراراً مفاجئاً بإصدار إعلان خاص، ستبقى الأسعار متأثرة بالأخبار المنتشرة بشأن متحور أوميكرون. وفي الوقت ذاته، يُواصل الدولار الأمريكي تعزيز مستويات الطلب عليه مع دفع المخاوف من الغموض المتداولين نحو اقتنائه كملاذ آمن.