تقلب مستويات الإقبال على المخاطر مع قُرب صدور تقرير الوظائف غير الزراعية الأمريكية ب
تتجه الأسهم نحو تسجيل مستويات كبيرة من التراجع بالتزامن مع تمسك الأسواق بتوقعات بدء الاحتياطي الفدرالي بتدابير التخفيف من سياسات التيسير الكمي خلال الشهر المقبل. فمن جانبها، دخلت الأسهم الآسيوية والأوروبية بالفعل ضمن النطاقات السلبية، بينما شهدت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية قدراً أكبر من الخسائر لغاية تاريخ كتابة هذا التقرير مع جاهزيتها لتقليص المكاسب التي شهدها يوم الثلاثاء. وكانت المتوسطات المتحركة لـ 100 يوم لكلّ من مؤشري ستاندرد آند بورز500 وداو جونز قد انتقلت من تقديم الدعم نحو مقاومة المكاسب، بينما تبقى أسعار الذهب في منتصف نطاق الـ 1700 دولار للأونصة تحت ضغط مؤشر الدولار الأمريكي الذي يعزز موقعه حول أعلى مستوياته منذ بداية العام، علماً أنّ العملة الأمريكية ما زالت تحظى بدعم العائدات المتزايدة لسندات الخزينة.
نتائج تقرير الوظائف الأمريكية تمنح الضوء الأخضر لبدء تخفيف سياسات التيسير الكمي
تتجه الأطراف الفاعلة في السوق حول العالم إلى اعتماد نتائج تقرير الوظائف الأمريكية غير الزراعية كتأكيد للجدول الزمني الذي اعتمده الاحتياطي الفدرالي لبدء تخفيف سياسات التيسير الكمي. ويمكن للنتائج الرسمية التي تتراوح وسطياً حول توفير 488 ألف فرصة عمل جديدة أن تُمهد الطريق لواضعي السياسات الأمريكيين لبدء تخفيف مشترياتهم من السندات. وفي نهاية المطاف، صرّح جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفدرالي، بأنّه جرى بالفعل استيفاء جميع معايير التضخم المطلوبة لتخفيف سياسات التيسير الكمي؛ ونبقى بانتظار تحقيق المزيد من المكاسب في سوق العمل الأمريكية. ومن ناحيتها، تُشير التحليلات الأفضل المتوقعة لمؤسسة ماركِت ومعهد إدارة التوريد بشأن قطاع الخدمات عن شهر سبتمبر بأنّ التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة يتمتع بما يكفي من المرونة لتبرير إبطاء الاحتياطي الفدرالي لوتيرة برنامجه لشراء السندات.
الأسهم أمام مستويات أقوى من المقاومة
يتوجب على المستثمرين البقاء في حالة تيقظ حيال المخاطر المقبلة، بما في ذلك مخاوف الركود التضخمي نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية التي تُحفز مستويات التضخم الهائلة وتؤثر سلباً على مسار التعافي الاقتصادي العالمي. بينما يُسهم الانكماش الذي تجاوز المستوى المتوقع في أعداد طلبات المصانع في ألمانيا عن شهر أغسطس في تعزيز المخاوف بشأن استمرار ضعف العرض بما يتسبب بالمزيد من الارتفاع في الأسعار الاستهلاكية. ومن جانبها، قد تؤدي الضغوط التضخمية لدى استمرارها لفترة أكثر من المتوقعة إلى تسريع مساعي تشديد السياسات من قبل أبرز البنوك المركزية، علماً أن بنك الاحتياطي النيوزيلندي كان آخر الجهات التي لجأت إلى رفع أسعار الفائدة مع انفتاح بنك إنجلترا لاعتماد مثل هذا التوجه قبل نهاية العام الجاري.
وعلى الجانب الآخر، يزيد الغموض بشأن سقف المديونية لدى الحكومة الأمريكية وخطط الإنفاق الأطول أمداً للرئيس بايدن من الصعوبات التي تُواجه أسواق الأسهم، بينما تستمر التوترات الجيوسياسية في خلفية المشهد. ويعزز هذا النوع من المخاطر من احتمالية تسجيل الأسهم العالمية لمزيد من التراجع، لا سيما مع استنفاد الوسائل المتاحة لتحقيق أي مكاسب ملموسة.
النقاط المرجعية للنفط تُواصل منحاها التصاعدي
يُواصل النفط الخام منحاه التصاعدي برغم توجه أرامكو السعودية لخفض أسعار النفط لعملائها. ومن جانبها، امتنعت مجموعة أوبك بلس عن إقرار أي زيادة في الإنتاج بخلاف ما كان متفق عليه خلال اجتماعها السابق. وعلى ما يبدو فإنّ الـ 400 ألف برميل الإضافية التي يجري إنتاجها يومياً ليست كافية لسد احتياجات العالم الذي يسعى للحصول على المزيد قُبيل انطلاق فصل الشتاء واعتماد تدابير تغيير الوقود. ومع ذلك، وفي حال أظهرت البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تسجيل زيادة غير متوقعة في مخزونات الولايات المتحدة، بخلاف ما يتم تداوله حول انخفاض بحوالي 550 ألف برميل، سنشهد تراجعاً في المكاسب الأخيرة للنفط مع تأجيل صعود خام غرب تكساس الوسيط إلى مستوى الـ 80 دولاراً للبرميل. وبالمُجمل، سيُحافظ الاتجاه التصاعدي لأسعار النفط على ثباته ما دامت أسعار الغاز الطبيعي ترتفع بالتزامن مع معاناة جانب العرض من النفط لمواكبة مستويات الطلب المتزايدة في السوق.
نتائج تقرير الوظائف غير الزراعية قد تُحدد معالم الخطوة الكبيرة التالية للذهب
انحصر الذهب منذ بداية الشهر ضمن نطاق الـ 23 دولاراً حول مستوى 1730 دولاراً للأونصة، مدفوعاً بإحجام الأسواق عن اتخاذ أي خطوات ملموسة قُبيل صدور نتائج تقرير الوظائف الأمريكية. وقد تراجعت أسعار الذهب مدفوعة باعتياد الأسواق على احتمالات توجه الاحتياطي الفدرالي لتخفيف سياسات التيسير الكمي، في توجه يُعزز من موقف الدولار والعائدات الحقيقية في الولايات المتحدة. وفي حال تجاوزت نتائج تقرير الوظائف غير الزراعية المرتقب يوم الجمعة سقف التوقعات، فنحن أمام احتمالية تراجع الذهب لما دون النطاق الذي سجّله منذ بداية الشهر ليعود إلى أدنى المستويات التي سجّلها في سبتمبر حول 1720 دولاراً للأونصة.
وبرغم ما تُقدمه مخاوف التضخم والطلب على السبائك المادية من دعم للمعدن الثمين، فقد يستقر الذهب عند أرضية ثابتة بمجرد وصوله إلى حاجز 1670 دولاراً للأونصة، المستوى الذي صمد بشكل جيّد خلال الربع الأول من العام. ويفسح هذا المجال أمام مزيد من التراجع للذهب، الأمر الذي يُمكن أن يتحقق عند استمرار الزيادة في عائدات الخزينة وقيمة الدولار الأمريكي.