ارتفاع قيمة الجنيه الإسترليني جرّاء التضخم الأسرع من المتوقع في المملكة المتحدة
ارتفعت معدلات التضخم في المملكة المتحدة الشهر الماضي بواقع 4.2% بالمقارنة مع أكتوبر لشهر 2020، متجاوزة توقعات السوق عند 3.9%، في أكبر زيادة على أساس سنوي يُسجلها مؤشر الأسعار الاستهلاكية منذ قرابة العقد، مع تجاوز الأرقام الرئيسية وتلك المسجلة على أساس شهري للتوقعات الوسطية أيضاً. دفعت الزيادة غير المتوقعة في التضخم الجنيه الإسترليني نحو تسجيل أعلى مستوياته يوم الثلاثاء عند 1.3472، علماً أنّه ما زال العملة الوحيدة ضمن العملات الرئيسية العشرة التي تحسّنت مقابل الدولار الأمريكي لغاية الآن هذا الأسبوع.
وتعّززت احتمالية إقرار بنك إنجلترا لرفع أسعار الفائدة جرّاء ارتفاع الضغوط التضخمية، إلى جانب ظهور العديد من المؤشرات حول تحسن سوق اليد العاملة الشهر الماضي حتى مع انتهاء خطة الإجازة التي أقرّتها الحكومة. ويبدو بأنّ البيانات الاقتصادية تُمهد الطريق لزيادة أسعار الفائدة في ديسمبر، ومن شأن مثل هذه التوقعات أن تُترجم على شكل دعم للجنيه الإسترليني على المدى القصير.
تحسُّن مرونة الدولار بفضل بيانات مبيعات التجزئة القوية
ألقت المكاسب التي حققها الجنيه الإسترليني هذا الصباح بظلالها السلبية على الدولار الأمريكي، ما دفع مؤشر الدولار للتراجع إلى ما دون المستوى النفسي بالغ الأهمية عند 96.0. ومع ذلك، وجد المضاربون على ارتفاع قيمة الدولار نوعاً من التحفيز في البيانات الاقتصادية التي صدرت يوم الثلاثاء في الولايات المتحدة، لا سيما مع نمو كُلّ من مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي بأسرع وتيرة لهما منذ شهر مارس. ومن جانب آخر، دعمت البيانات القوية مؤشري ستاندرد آند بورز500 وناسداك المركب للتحرك على مقربة من أعلى مستوياتها على الإطلاق، علماً أن التغيّرات التي طالت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية كانت طفيفة للغاية حتى تاريخ كتابة هذا التقرير.
وكانت أحدث الأرقام الصادرة عن أضخم اقتصادات العالم قد عكست مرونة مستويات الإنفاق حتى في مواجهة أقوى أشكال التضخم. وقد تتلاشى مخاوف الاحتياطي الفدرالي بشأن الآثار السلبية المحتملة لزيادة أسعار الفائدة في حال ثبات التعافي الاقتصادي الأمريكي على هذا المنوال.
ومع ذلك، لا بد من قراءة النمو الكبير في مبيعات التجزئة عن شهر أكتوبر بالتوازي مع التراجع المُسجل في ثقة المستهلكين في بداية شهر نوفمبر؛ إذ لا يُمكن لهذه الزيادة في مستويات الاستهلاك أن تكون مُستدامة في حال كانت زيادة الإنقاق المسجلة الشهر الماضي مُجرد تحرك استباقي قبل ارتفاع الأسعار أو اضطراب الإمدادات بشكل أكبر خلال ذروة موسم التسوق في العطلات. ويُحتمل أن تُسفر بوادر الضعف في زخم النمو المقترنة مع الارتفاع المتواصل في الأسعار الاستهلاكية إلى تسجيل خسائر كبيرة في أصول المخاطر.
معاناة النفط في ضوء التهديدات ببدء استخدام الاحتياطي الاستراتيجي
لم تُسجل مؤشرات النفط أيّ زيادة جديدة لغاية الآن من نوفمبر بعد التقدم الذي حققته على مدى ستة من الأشهر السبعة الماضية، لا سيما في ضوء تراجع نسبة عقود البيع الآجل. وتُعزز الأنباء الواردة حيال عودة ظهور الإصابات بكوفيد-19 في الاقتصادات الأوروبية الرئيسية من المخاوف في جانب الطلب. وأمّا في جانب العرض، تؤدي الأنباء الصادرة بشأن اتجاه الولايات المتحدة والصين إلى استخدام احتياطاتها الاستراتيجية إلى الحدّ من المكاسب التي يُحققها النفط.
وقد تجد أسعار النفط نفسها مُجبرة على خسارة بعض من المكاسب التي حققتها منذ بداية العام، والتي تزيد حالياً عن 60%، في حال اضطر الرئيس بايدن إلى الاستسلام للضغوط السياسية من الناخبين وزملائه في الحزب والإعلان عن بدء استخدام احتياطات البترول الاستراتيجية. وقد يتراجع النفط بشكل أكبر في حال أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في وقت لاحق اليوم عن زيادة مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام للأسبوع الرابع على التوالي. وختاماً، لمسنا توقف الزخم التصاعدي مع عدم وجود الكثير من المبررات التي تمنعه من التراجع، حتى في حال واصل مواجهته ضد الدولار الأمريكي القوي.