ارتفاع العقود الآجلة الأمريكية في أعقاب أسبوع مليء بالاضطرابات
تتجه الأسهم الأمريكية والأوروبية للتعافي من تداعيات عمليات التصفية التي شهدها الأسبوع الماضي بالتزامن مع تقييم المستثمرين لآثار متحور أوميكرون والخطوة المقبلة للاحتياطي الفدرالي. وكانت آخر البيانات السريرية الواردة من جنوب أفريقيا قد أشارت إلى أنّ الأعراض الناجمة عن المتحور الجديد أقلّ حدّة من نظيرتها التي لوحظت عند المتحورات السابقة. ولذا قد يجد المستثمرون الفرصة سانحة لشراء الأسهم التي انخفضت أسعارها مؤخراً في حال ثبُتت صحة هذه التقارير.
وفي حقيقة الأمر، يجد المستثمرون أنفسهم أكثر ارتباكاً بسبب البيانات الأخيرة الغامضة بشأن الوظائف، والتي أظهرت تسجيل زيادة بواقع 210 ألف وظيفة في كشوفات رواتب الوظائف غير الزراعية خلال شهر نوفمبر، في أدنى الأرقام المسجلة عن العام، وذلك في أعقاب تعديل تصاعدي بحوالي 546 ألف وظيفة خلال الشهر الماضي. ومع ذلك، تراجعت نسبة البطالة بواقع 0.4% إلى 4.2% برغم زيادة معدل المشاركة في القوى العاملة إلى 61.8%، مُحققاً أعلى مستوياته منذ بداية الأزمة الصحية. وبإيجاز، أظهر أحد الاستبيانات تسجيل تباطؤ ملموس في نمو الوظائف، بينما تناول استبيان آخر وجود تسارع في مكاسب التوظيف في مشهد مربك بما فيه الكفاية.
وبين تقرير اقتصادي آخر صادر يوم الجمعة ازدهار قطاع الخدمات في الولايات المتحدة بمستويات غير مسبوقة. وارتفع مؤشر معهد إدارة التوريد غير التصنيعي نحو مستويات قياسية غير مسبوقة عند 69.1 نقطة، متجاوزاً المعدل المسجل سابقاً لشهر أكتوبر. وهو حيث يتوجب أن يتوجه تركيز المستثمرين المهتمين بالمؤشرات التطلعية. وفي حال لم يُعطّل متحور أوميكرون هذا التوجه، بات من الواضح بأنّ الاقتصاد الأمريكي في موقف قوي لم يعد بفضله بحاجة لاعتماد أيّ سياسة نقدية متساهلة للغاية.
ومن جانب آخر، يُمثل مؤشر الأسعار الاستهلاكية لشهر نوفمبر المرتقب يوم الجمعة آخر الإصدارات الهامة المنتظرة قبل اجتماع الاحتياطي الفدرالي الأسبوع المقبل في 14 ديسمبر. وكان رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول قد أشار بالفعل إلى أنّه لم يعد يؤمن بالطابع المؤقت للتضخم أمام مجلس الشيوخ الأمريكي الأسبوع الماضي. ولذا، فمن شأن صدور تقرير قوي آخر عن التضخم أن يُبرر المسارعة في الحد من مشتريات الأصول ومن ثم تحول تركيز المستثمرين نحو وتيرة الارتفاعات المسجلة في أسعار الفائدة.
وتبني أسواق السندات قراراتها بالفعل على أساس زيادة أسعار الفائدة في مناسبتين أو ثلاث خلال عام 2022. وكنتيجة لذلك، ارتفعت أسعار الفائدة قصيرة الأجل على منحنى عائدات الخزينة الأمريكية تحسباً لإقرار سياسة مالية أكثر تشدداً. وفي الوقت ذاته، انخفضت أسعار الفائدة طويلة الأجل على المنحنى ذاته، في خطوة تؤشر إلى انخفاض النمو وانحسار مخاطر التضخم على المدى الطويل. وبالتالي، تلاشي الفارق بين أسعار الفائدة قصيرة وطويلة الأجل بأكبر مستوياته منذ بداية العام.
وليس بالضرورة أن يكون هذا التقارب بين أسعار الفائدة قصيرة وطويلة الأجل مؤشراً للركود خصوصاً في حال لم ينعكس. وبالنظر إلى البدائل الجديدة المطروحة أمام المستثمرين لتشغيل أموالهم، ستبقى الأسهم محافظة على جاذبيتها بطبيعة الحال. ومع ذلك، فلا بد أن يكونوا أكثر انتقائية وتنوعاً لدى اعتماد هذا التوجه. وتجد العديد من شركات النمو غير المربح نفسها بالفعل في مواجهة انخفاض مطول في أسعار الأسهم، كما هي الحال بالنسبة للأصول المضاربة، مثل العملات المشفرة. وتبرز الحاجة اليوم إلى عوامل مثل الميزانيات العامة السليمة وهوامش الربح العالية وقوة التسعير العالية لتشكيل المحافظ الاستثمارية القوية. ولم يعد مهماً أن تكون الشركات في قطاعات النمو أو القيمة على أيّ حال.